ماذا يعني وشم وزير الدفاع الأمريكي؟ ..القصة الكاملة لـ وشم كافر والصليب وDeus Vult
في مشهد غير مألوف أثار جدلًا عالميًا، ظهر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث مؤخرًا في صورة نشرها على حسابه الرسمي في منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، وهو يؤدي تدريبات رياضية مرتديًا ملابس عسكرية تكشف عن ذراعه اليمنى، حيث يظهر بوضوح وشم يحمل كلمة “كافر” مكتوبة بالعربية، أسفل وشم آخر لعبارة “Deus Vult” اللاتينية التي تعني “إرادة الرب”.
هذه الصورة لـ وشم كافر على ذراع وزير الدفاع الأميركي لم تمر مرور الكرام، إذ سرعان ما تحولت إلى حديث منصات التواصل، وتصدرت محركات البحث، وسط تساؤلات عن دلالة هذه الرموز، والسياق التاريخي الذي تستدعيه، والأبعاد السياسية والدينية خلفها.
وفي المقال نستعرض القصة من جذورها، ونتناول الرموز التي وُشمت على جسد وزير الدفاع الأمريكي، وما إذا كانت تحمل رسائل أيديولوجية عميقة تتقاطع مع الفكر الديني المتطرف والتاريخ العسكري الغربي، هل يعود الفكر الصليبي إلى البنتاغون؟.
من هو بيت هيغسيث؟
بيت هيغسيث هو وزير الدفاع الأمريكي الجديد، شخصية بارزة في الحياة العسكرية والسياسية الأمريكية، شغل سابقًا مناصب عسكرية إعلامية وكان أحد محللي شؤون الدفاع في شبكة “فوكس نيوز”.
خدم في الجيش الأمريكي كضابط ضمن الحرس الوطني، وشارك في مهمات بالعراق وأفغانستان. عُرف بمواقفه المحافظة والداعمة لليمين الأمريكي، وله جمهور واسع من المؤيدين.
وبعيدًا عن الأضواء، فإن هيغسيث لم يُعرف من قبل كصاحب رموز استفزازية أو شعارات دينية متطرفة، مما جعل الوشم المثير للجدل مفاجئًا لكثيرين.
وشم “كافر”: رمزية عربية في سياق أميركي
ظهور كلمة “كافر” باللغة العربية على ذراع وزير الدفاع الأميركي لم يكن عشوائيًا، بل حمل رمزية قوية، نظرًا لما تعنيه الكلمة في السياق الإسلامي والعربي.
ورغم اختلاف المعنى اللغوي والديني، فإن استخدامها بهذا الشكل – كوشم دائم – على جسد مسؤول عسكري كبير يُعد رسالة صادمة.
الوشم يشير إما إلى إعلان تحدٍ ثقافي أو ديني، أو إلى تبنّي خطاب تصادمي مع ثقافات أو أديان أخرى، وهو ما جعل الصورة تُقابل باستنكار واسع، خاصة من المسلمين حول العالم الذين اعتبروه استفزازًا صريحًا لقيمهم ومعتقداتهم.
وشم “Deus Vult”: الحروب الصليبية تعود!
عبارة “Deus Vult” التي تعني “إرادة الرب” باللاتينية، ليست مجرد كلمات دينية. إنها شعار الحملة الصليبية الأولى التي أطلقها البابا أوربان الثاني عام 1095، والتي استهدفت المسلمين في المشرق تحت راية استعادة القدس.
هذه العبارة ارتبطت تاريخيًا بالعنف الديني المُنظَّم تحت غطاء ديني مسيحي، وكانت تُردد بصيغة شعاراتية أثناء المعارك، تمامًا كما تُستخدم اليوم شعارات مماثلة في سياقات جهادية لدى الجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط.
السؤال هنا: لماذا يختار وزير دفاع أقوى دولة في العالم أن يوشم هذه العبارة على جسده؟ هل هي إشارة إلى إحياء فكر صليبي معاصر؟ أم أنها مجرد انتماء شخصي لهوية دينية متطرفة؟.
جدل على وسائل التواصل.. وغضب في الأوساط الإسلامية
عقب نشر الصورة، انفجرت موجة من الجدل على الإنترنت، فقد اعتبر البعض أن الوشم استفزاز مباشر موجه للمجتمعات الإسلامية، فيما رأى آخرون أنه انعكاس صريح لصعود التيار المسيحي المتشدد في السياسة الأميركية، والذي بات يتغلغل في مؤسسات الدولة.
العديد من المعلقين الإسلاميين والحقوقيين أدانوا ظهور هذه الرموز، مطالبين بإيضاحات رسمية من وزارة الدفاع الأمريكية، بل وذهبت بعض التحليلات إلى وصف الوشم بأنه شكل من أشكال “الرمز الحربي الناعم” الذي يبعث برسائل مبطنة للعالم الإسلامي.
كيف بررت الأوساط الأمريكية ظهور الوشم؟
حتى لحظة كتابة المقال، لم يصدر أي تعليق رسمي من البيت الأبيض أو وزارة الدفاع الأمريكية حول الموضوع، واكتفى الوزير بنشر الصورة دون توضيحات.
لكن صحفًا أميركية مثل “واشنطن بوست” و”ذا أتلانتك” نقلت عن مصادر مقربة من هيغسيث أنه يرى في هذه الوشوم “رموزًا للقوة والانتماء”، وأنها لا تحمل نوايا عدائية، بل تمثل قناعاته الشخصية ومواقفه في مواجهة “التطرف”.
ومع ذلك، فإن اختيار عبارات ترتبط تاريخيًا بمجازر دينية وقتل جماعي يطرح علامات استفهام كثيرة حول رسالة هذه الرموز، والمرحلة المقبلة من السياسات الدفاعية الأميركية في مناطق النزاع ذات الغالبية الإسلامية.
المسيحية السياسية: هل نحن أمام تصاعد تطرف مسيحي رسمي؟
يرى مراقبون أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي ضمن سياق متزايد من صعود “المسيحية السياسية” في أمريكا، وهي حركة تسعى لدمج الدين بالسياسة العسكرية والقرارات الحكومية، تمامًا كما حدث في أوروبا القرون الوسطى، وتمامًا كما يُتهم به الإسلام السياسي في الشرق.
وهذه التحولات تُنذر بمزيد من الاستقطاب الديني داخل النخب الحاكمة، وربما تؤثر على تعامل أميركا مع قضايا الشرق الأوسط، والصراعات الدينية في مناطق مثل السودان، فلسطين، العراق، وأفغانستان.
وشم “كافر” و”Deus Vult” على جسد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ليس مجرد حدث عابر، بل رمز محمّل بالمعاني السياسية والدينية والتاريخية، يُعيد فتح ملفات قديمة تتعلق بالهيمنة العسكرية الغربية وتوظيف الدين في الصراعات.
وفي ظل عدم وجود تعليق رسمي واضح، تبقى التساؤلات مفتوحة حول مستقبل العلاقة بين الخطاب الديني والسياسي في أقوى دولة عسكرية في العالم، وتأثير ذلك على ملايين المسلمين في مناطق النزاع.